بالفيديو.. تأسيس مستشفى آل مكتوم.. البدايات والتطورات (وثائقي خاص من منصة ميدار)

ميدار.نت - دبي
دبي
الإمارات
22 يناير 2023
Cover

ميدار.نت - دبي

يُعتبر مستشفى آل مكتوم محطة مهمة في تطور القطاع الطبي بإمارة دبي، حتى أنه كان في خمسينيات القرن الماضي بمثابة وزارة صحة مصغرة بإشرافه على المستوصفات في الإمارات الأخرى رغم عدم قيام دولة الاتحاد بعد.

فلماذ أنشئ هذا المستشفى، وكيف تم تمويل تكلفته، وكيف تطور عاماً بعد عام؟ أسئلة حاول برنامج وثائقي خاص من إعداد منصة "ميدار.نت" الإجابة عليها عبر وثائق نادرة استطعنا بالبحث والاستقصاء الدؤوب الوصول إليها.

 

مستشفي في دبي

بدأت القصة يوم 26 يوليو 1948، حين أرسل المعتمد البريطاني في دبي خطاباً لوزارة الخارجية البريطانية يطالب بضرورة إنشاء مستشفي في دبي لمواجهة الأمراض المستوطنة المميتة.

وتضمنت قائمة تلك الأمراض في ذلك الوقت وفقاً لوثيقة بريطانية: الملاريا، الجهاز الهضمي، الجهاز التنفسي، الأسنان واللثة، أمراض الأذن، أمراض الجلد، أمراص العيون، السل الرؤي، الإسهال، وسواها.

وكذلك كانت نسبة وفيات المواليد الجدد مرتفعة للغاية، ما مثّل آنذاك أحد أهم دوافع التفكير في بناء مستشفى بدبي.

التقارير والوثائق البريطانية أكدت يومها أن النظام الصحي في دبي كان بدائياً، وأن الطب الشعبي كان السائد، فيما كانت العائلات الميسورة تسافر إلى الخارج للعلاج.

 

تكلفة مرتفعة

انطلقت حملة تبرعات لجمع 15 ألف جنيه استرليني تتيح البدء في مشروع المستشفى.

وقرر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي التبرع بمبلغ 40 ألف روبية هندية، وكذلك فعل باقي حكام الإمارات الذين شاركوا في التبرعات، وأيضاً تجار دبي.

لكن ظروف الحرب العالمية الثانية والركود التجاري كانا لهما تأثير في تأجيل المشروع.

 

تأسيس المستشفى

في 15 نوفمبر 1950 وصل الدكتور ماكولي إلى خور دبي الساعة 5:30 مساءً، ليشارك في تأسيس المستشفى.

ولم يكن ما تم إنجازه في المستشفى كبيراً، ولم ير الرجل سوى ما يشبه الأكشاك.

تحدث يومها عن أن نظام المياه الساخنة يعمل بكفاءة، وأن الإضاءة الداخلية جيدة ولكن الخارجية تحتاج للتطوير، حيث يتم استخدام المصابيح القديمة في الإضاءة في ظل ارتفاع كلفة المولدات الكهربائية.

اتجه الدكتور ماكولي إلى التفكير للاستعانة بأطباء مسلمين من الهند، وقرر اعتماد تنفيذ حجر صحي للسفن في مدخل خور دبي لمدة 5 سنوات لفحص جميع القادمين.

وعمل الدكتور ماكولي طبيباً وإدارياً حتى نهاية الستينيات، وجلب مضادات الأمراض المستوطنة مثل الجدري.

 

ميزانية 5 سنوات

استمر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد في تبرعاته للمستشفى، وأنشأ سكناً للأطباء وتبرع به، وكذلك تبرع بمبلغ شهري للأدوية.

ثم بدأ التفكير في إقرار خطة تشغيلية كاملة، وميزانية لمدة 5 سنوات، وتبرع الشيخ راشد بن سعيد بما يعادل 7500 جنيه استرليني لهذه الغاية، كما شارك بقية حكام الإمارات في استكمال باقي التكاليف.

وشملت تلك الميزانية أدوية ومعدات ومنها جهاز Xray كلفته 1000 باوند، وكذلك معاشات أطباء وممرضين وتكاليف تشغيلية أخرى.

 

وزارة صحة مصغرة

كان مستشفى آل مكتوم وزارة صحة مصغرة للإمارات في حقبة الخمسينيات من القرن الماضي، ورغم  أن الإمارات لم تكن دخلت في دولة الاتحاد بعد، فقد تقرر إنشاء مستوصفات في كل إمارة على أن يكون الإشراف من مستشفى آل مكتوم، وأطباء المستشفى.

ومع مرور السنوات بدأ مجتمع دبي يتعرف على ثقافة التطبيب والعلاج والمستشفيات، فقد ارتفع عدد المرضى الذين تلقوا علاجاً في المستشفى من 14153 في عام 1958 إلى 19045 في العام التالي.

وفي الفترة ذاتها ارتفع عدد المواليد في المستشفى من 56 إلى 122، ما يؤشر إلى زيادة الوعي الصحي، والزوال التدريجي لثقافة الخوف والخجل من الولادة في المستشفى.

وساهم في ذلك إنشاء قسم نسائي تعمل فيه طبيبات وممرضات.

 

توفير نظام غذائي

تم توفير وجبات غذائية على نفقة المستشفى لحل مشاكل التغذية، كما تم شراء المزيد من الأجهزة والمعدات ومنها وحدة الأشعة السينية.

واستمر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد في دعم المستشفى بكل قوة عن طريق توفير جراحين وطبيبات، وبناء سكن لهم وغيرها من أشكال الدعم.

وبات الجناح العام في المستشفى يضم 10 غرف، فيما ضم الجناح الخاص سريرين.

وفي بدايات تطور المستشفى، زار الطبيب ملفيل ماكنزي المتخصص في علم الأوبئة مستشفى راشد، وهو أحد الأسماء المعروفة في منظمات الصحة العالمية، وتبرع ماكنزي بأجهزة إضاءة خاصة لغرفة العمليات.

ومع إنشاء الطرق نحو المستشفى بات سكان دبي يصلون بسهولة إليه لتلقي العلاج.

 

قفزة جديدة في الستينيات

من الاحصائيات المهمة التي عثر عليها تقرير منصة "ميدار.نت" وثائق تشير إلى ارتفاع نسبة المواليد في مستشفى آل مكتوم ببداية الستينيات، وفي إحدى السنوات بلغ عدد المواليد 142، من بينها 104 حالات ولادة طبيعية وهي نسبة مرتفعة للغاية.

وتم البدء في تأسيس مزيد من العيادات الخارجية تحديداً عامي 1962 و1963، والاستمرار في جمع الأموال من أجل مزيد من التوسع وتوفير كهرباء ومياه بشبكات منتظمة.

 

الأوبئة تتراجع

ومع انتشار ثقافة الذهاب للمستشفى والتطبيب، وتراجع الطب الشعبي تدريجياً بدأت الأمراض الوبائية تتراجع في دبي، وشهدت بعض الأعوام عدم رصد أي حالة إصابة بهذه الأمراض.

صحيح أن الأوضاع لم تصل لمرحلة مثالية، لكن يحسب لمستشفى آل مكتوم زراعة ثقافة العلاج والاعتراف بالطب والعلم في المجتمع، والتراجع تدريجياً عن ممارسات شعبية ومعتقدات غير صحية.

 

رماد في خور دبي

توفي الدكتور ماكولي في لندن، لكنه أوصى بنثر رماد جثمانه في خور دبي تعبيراً عن عشقه لهذا الخور وهذه الإمارة، ونفذ وصيته صديقه جاك بريكس و دوف الذي كان يعمل في شرطة دبي.