إعادة شراء الأسهم: استراتيجية ذات حدين

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي
مقالات
07 أبريل 2024
Cover

 

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي

تلعب ممارسة إعادة شراء الأسهم من قبل الشركات المدرجة في بورصات مجلس التعاون الخليجي دورًا محوريًا في تشكيل الاستراتيجيات المالية وترسل إشارات ثقة بالسوق. 

هذه الآلية، التي تشتري من خلالها الشركات أسهمها من السوق، لها تأثيرات متعددة الجوانب على الاقتصاد الوطني، خاصةً لدول مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية، اللتين تقودان جهودًا جبارة لتنويع اقتصاداتهما وجذب الاستثمارات. سبق وأن قامت عدة شركات إماراتية مثل إعمار العقارية وبنك الإمارات دبي الوطني وبنك أبوظبي الأول بعمليات إعادة شراء لأسهمها. في السعودية، من الشركات التي تعتزم إعادة شراء أسهمها من السوق شركة المراعي، الصناعات الكهربائية، إي تي سي، البلاد، السعودي الفرنسي، سدافكو وغيرها.

غالبًا ما تُعتبر هذه الإجراءات جهودًا لتعزيز سعر السهم وثقة المستثمرين، وهذه جميعها في القطاعات غير النفطية التي تعتبر حاسمة لاستراتيجية تنويع الاقتصاد المستقبلية سواء في الإمارات العربية المتحدة أو في السعودية.عندما تقوم شركة بإعادة شراء أسهمها، تتطلب قواعد المحاسبة أن تسجل الشركة هذه الأسهم كأسهم خزينة وتخفض بها حقوق المساهمين. عند إعادة شراء الأسهم، تقوم الشركة بدفع نقد لشراء الأسهم من المساهمين، وبالتالي تقلل من النقد في الميزانية العمومية وتسجل الأسهم التي تم شراؤها كأسهم خزينة وتسجل في جانب الخصوم (Debit) من الميزانية العمومية كانخفاض في حقوق المساهمين، بينما لا تقلل أسهم الخزينة القيمة الاسمية لرأس المال المصدر إلا أنها تخرج من التداول ولا تحتسب في توزيعات الأرباح.

التأثير الاقتصادي لإعادة شراء الأسهم يحدث زيادة في قيمة السهم من خلال تقليل توافره للشراء مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر السهم حسب مبادئ العرض والطلب. هذا يمكن أن يعزز القيمة للمساهم ويجعل الشركة تظهر أكثر قوة من الناحية المالية.عندما تشارك الشركة في عمليات الشراء، غالبًا ما ترسل إلى السوق إشارة بأن إدارتها تعتقد بأن الأسهم مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية. هذا يمكن أن يعزز ثقة المستثمرين في آفاق مستقبل الشركة.

الجانب السلبي هو أنه كان بالإمكان استخدام فوائض الأرباح التي خُصصت لإعادة شراء الأسهم في توسيع الأعمال والاستثمار في الاقتصاد الوطني. لذلك، بينما يمكن لإعادة الشراء أن يوفر رفعة مالية فورية لقيمة السهم، إلا انه أيضًا يمكن أن يحرم الشركة من فرص الاستثمار الجذابة الأخرى ويكون لها تأثير سلبي طويل الأمد على نمو الاقتصاد.إعادة شراء الأسهم يمكن أن تقدم فوائد مالية فورية وتشير إلى ثقة الشركة، ولكن يجب تقييم تأثيرها الأوسع على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في الإمارات العربية المتحدة والسعودية، بفهم دقيق لتداعياتها الاستثمارية طويلة الأمد.

يمكن للممارسة أن تعزز جاذبية السوق وتدعم جهود تنويع الاقتصاد إذا تم إدارتها بحكمة. ومع ذلك، قد يشكل الاعتماد المفرط على الديون لتمويل عمليات الشراء أو استخدامها كبديل لاستراتيجيات الاستثمار المستدامة مخاطر على الاستقرار المالي للشركات، وبالتالي، على الاقتصاد الوطني. 

إن استخدام إعادة شراء الأسهم يعد سيفًا ذو حدين، يتطلب إدارة متوازنة لاستغلال فوائده مع التخفيف من الجوانب السلبية المحتملة. إضافة إلى أن إعادة شراء الأسهم، عندما تتم بكميات تفوق حجم الطروحات الأولية والإصدارات الجديدة، تقلص كميات الأسهم المتداولة وقد تؤثر على جاذبية السوق المالي للمستثمرين الخارجيين وعلى فرص الاستثمار في الاقتصاد بشكل عام. 

هذا النقص في الأسهم يمكن أن يقلل من السيولة في السوق، مما يجعله أقل جاذبية للمستثمرين الجدد الذين يبحثون عن فرص لتوزيع استثماراتهم. هذا النهج يمكن أن يقلل من الفرص الاستثمارية داخل الاقتصاد ويحد من إمكانيات النمو الاقتصادي الشامل. 

إعادة شراء الأسهم بكميات كبيرة قد ترسل إشارات سلبية إلى السوق تتعلق بالتوقعات المستقبلية للاقتصاد والثقة في القطاع الخاص، مما يؤثر سلبًا على جاذبية السوق للمستثمرين الخارجيين ويقلل من مجالات الاستثمار في الاقتصاد بصورة عامة. 

&nb