ارتفاع سوق السندات الشركاتية الامريكية

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي
مقالات
04 أبريل 2024
Cover

مقال - ميدار.نت.. بقلم: حسين القمزي - خبير اقتصادي إماراتي

في الآونة الأخيرة، شهدت الأسواق المالية موجة عارمة من التدفقات المالية غير المسبوقة لرؤس الاموال، تجرف المستثمرين نحو شواطيء سوق السندات الشركاتية الأمريكية. 

هذا يثير تساؤلات حول الدوافع وراء هذا الاندفاع وتأثير سياسات الاحتياطي الفيدرالي عليه؟ 

يبدوا ان الزيادة في الاهتمام بالسندات الشركاتية من قبل المستثمرين هي نتيجة مباشرة للتغييرات في سياسة أسعار الفائدة التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي منذ مارس 2022، بدأ الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة للتحكم في معدلات التضخم المتزايدة، وهذا الإجراء أدى إلى تراجع مؤقت في إصدار السندات الشركاتية نظرًا لارتفاع تكلفة الاقتراض ولكن بمجرد ان ألمح الاحتياطي الفيدرالي إلى احتمالية التراجع عن سياسة رفع الفائدة، تحولت الأنظار مجددًا نحو السندات الشركاتية ، ليس لانها توفر عوائد أعلى مقارنةً بالسندات الحكومية فحسب بل، كفرصة استثمارية مغرية قبل ان يغلق الباب على مصراعيه لعوائد السندات العالية. 

يأتي هذا التحول في الاهتمام مدفوعًا أيضًا باحتمالية تحسن الأوضاع المالية للشركات، فانخفاض أسعار الفائدة يقلل من تكاليف الاقتراض ويشجع على الاستثمار والتوسع. هذا يعزز الثقة في قدرة هذه الشركات على سداد ديونها، مما يزيد من جاذبية سنداتها للمستثمرين. يميل المستثمرون في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة إلى البحث عن استثمارات تقدم عوائد أعلى، حتى لو كان ذلك يعني تقبل مخاطر أكبر.

من الضروري الإشارة إلى أن السياسات النقدية، بما في ذلك تعديل أسعار الفائدة، تأتي ردًا على الوضع الاقتصادي الراهن وتهدف إلى تحقيق توازن بين تحفيز النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار. التجارب التاريخية، مثل الإجراءات التي اتخذها الفيدرالي خلال فترة الجائحة والاستجابات النقدية والمالية اللاحقة من الحكومات والبنوك المركزية بشراء السندات ، بما فيها السندات الشركاتية أدت إلى تقلبات في أسعار هذه السندات. ساهمت برامج شراء الأصول وخفض أسعار الفائدة في زيادة الطلب على السندات الشركاتية، مما أثر على عوائدها وتقييمها لاحقاً .

في الوقت الحاضر، يعكس الإقبال المتزايد على السندات الشركاتية استجابة السوق للتوقعات الاقتصادية والسياسة النقدية الانية فقط. 

تشير هذه الديناميكية إلى أن المستثمرين يسعون إلى تحقيق أفضل عائد ممكن مع ان البيئة مازالت تتسم بالتحديات والفرص المتغيرة. من المهم ملاحظة أن، بينما يمكن للسندات الشركاتية أن تقدم عوائد أعلى، فإنها تحمل أيضًا مخاطر أكبر مقارنة بالسندات الحكومية، خاصة فيما يتعلق بخطر التخلف عن السداد.لتجنب المخاطر المحتملة وضمان استقرار الأسواق، يجب على المستثمرين التحلي باليقظة والتحليل الدقيق للمؤشرات الاقتصادية.

يبرز دور السياسة النقدية بالنهاية كعامل حاسم في تشكيل مستقبل الأسواق المالية والاقتصاد الكلي. على المستثمرين التحلي باليقظة والتحليل الدقيق للمؤشرات الاقتصادية، وفهم التأثير الكلي على الاقتصاد قبل الاندفاع إلى شراء نوع معين من الأصول وموازنة الفرص والمخاطر المرتبطة بالاستثمارات في الأسواق المالية مثل السندات الشركاتية، ففي عالم الاستثمار، يقال إن الفرصة تطرق الباب مرة واحدة فقط، لكن التحدي هو معرفة متى وكيف تفتح الباب؟ 

&nbs